من المتوقع أن تنحصر المنافسة على قمة المجموعة الثالثة لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، في نسختها السادسة والعشرين، التي تستضيفها غانا من 20 كانون الثاني/يناير إلى 10 شباط/فبراير المقبل، بين منتخبي مصر حاملة اللقب والكاميرون القوية، في المجموعة التي تضم أيضاً منتخبي زامبيا والسودان العائدة بعد غياب.
تفاؤل مصري رغم صعوبة المهمة
وستكون المسؤولية جسيمة على عاتق المنتخب المصري للدفاع عن لقبه، وتكمن جسامة المسؤولية في كون "الفراعنة" مهددين من قبل أصحاب الأرض والكاميرون لمعادلة رقمهم القياسي في عدد الألقاب وهو خمسة، آخرها عام 2006 عندما استضافوا النهائيات.
وكانت مصر انفردت بالرقم القياسي في عدد الألقاب بتتويجها بطلة للنسخة الخامسة والعشرين عام 2006، فأضافتها إلى ألقاب أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 أمام غانا (1963 و1965 و1978 و1982) والكاميرون (1984 و1988 و2000 و2002)، علماً بأن المنتخبات الثلاثة هي الوحيدة التي احتفظت باللقب (مصر 1957 و1959، وغانا 1963 و1965 والكاميرون 2000 و2002).
واستغلت مصر بشكل جيد عاملي الأرض والجمهور للتتويج باللقب الخامس على حساب كوت ديفوار في المباراة النهائية التي حسمتها بركلات الترجيح، ولكن الأمور ستختلف كلياً في النسخة الحالية، لأن الفراعنة تلقوا أكثر من ضربة موجعة، كان أولها إصابة مهاجم ميدلزبره الإنكليزي أحمد حسام "ميدو" وصانع العاب الأهلي محمد بركات، تلاها انسحاب لاعب الوسط حسام غالي في اللحظة الأخيرة، بعدما وقع عقداً مع دربي كاونتي الإنكليزي، الذي اشترط عليه عدم المشاركة مع منتخب بلاده في النهائيات القارية، وفضل غالي التوقيع لدربي كاونتي على المشاركة مع منتخب بلاده، خصوصاً وأنه كان يعاني من الابتعاد عن الملاعب بسبب مشاكله مع فريقه السابق توتنهام الإنكليزي.
كما أن القرعة لم تكن رحيمة بالمصريين، وأوقعتهم إلى جانب الكاميرون التي كانت أخرجت الفراعنة من الدور الأول في تونس عام 2004، وزامبيا العتيدة، التي تغلبت على مصر مرتين في النهائيات مقابل أربع للأخيرة، والسودان العائد بقوة إلى الساحة الأفريقية.
وإدراكاً منه لصعوبة المهمة، بكر المنتخب المصري باستعداداته للنهائيات من خلال ثلاثة معسكرات تدريبية، الأول في مصر وخاض خلاله مباراة ودية أمام ناميبيا فاز فيها (3-صفر)، والثاني في الإمارات وخاض فيه أيضاً مباراة ودية أمام مالي وفاز فيها بهدف نظيف، والثالث في البرتغال وواجه فيه أنغولا وتعادل معها (3-3).
ورفض المدير الفني المصري حسن شحاتة الإدلاء بأي تصريحات عقب عودة المنتخب من البرتغال، وحذا حذوه اللاعبون مؤكدين أن تعليمات المدرب تمنعهم من الحديث.
وكان شوقي غريب المدرب العام لمنتخب مصر الوحيد الذي أدلى بتصريحات صحافية عقب عودة المنتخب من البرتغال، وقال إن الجهاز الفني راض عن الأداء في المباريات الودية الثلاث التي أقيمت خلال فترة الإعداد وجاءت متدرجة المستوى، وأضاف أن الجهاز كان يأمل الارتفاع بمستوى اللياقة البدنية، وهو ما حدث وظهر في لقاء أنغولا بالتحديد.
ورفض شوقي الحديث عن اللاعبين، مكتفياًَ بالتأكيد أن المدافع إبراهيم سعيد شفي تماماً من إصابته وسيدخل في التشكيلة الأساسية، ونفس الشيء بالنسبة لعمرو زكي مهاجم الزمالك، الذي أصيب في لقاء مالي الودي بعد اصطدامه بحارس الأخيرة محمد سيديبيه.
من جهته، أكد رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر أن منتخب بلاده سيتوجه إلى غانا للحفاظ على لقبه، وقال: "نتوجه إلى غانا للمحافظة على اللقب وليس أي شيء آخر، لقد رافقت المنتخب في زيارته الأخيرة إلى البرتغال، ووقفت عن كثب على استعداداته، وأنا على يقين أنه في جهوزية تامة للظهور بمظهر مشرف".
ورفض زاهر نبرة التشاؤم التي يطلقها البعض، وقال إن ثقة الاتحاد المصري كبيرة في اللاعبين وجهازهم الفني، مشيراً إلى أن مباراة الكاميرون وهي الافتتاحية للمنتخب المصري في الثاني والعشرين من الشهر الحالي ستكون مفتاح الوصول إلى الأدوار النهائية.
وأكد أن شحاتة وجهازه الفني وضعوا الطريقة الملائمة لمواجهة الأسود، وهي تختلف تماماً عما تابعه الجميع في المباريات الودية الأخيرة.
وتعول مصر على قائدها المخضرم صانع ألعاب أندرلخت البلجيكي أحمد حسن، الذي سافر مباشرة إلى بلجيكا كونه مرشحاً لجائزة أفضل لاعب في الدوري البلجيكي لعام 2007، وهو سيلتحق بالمنتخب المصري يوم السبت، وقال حسن: "إن التجارب الودية التي خاضها المنتخب المصري جاءت مفيدة بشكل كبير، وان كان الإرهاق له دور في التأثير على الأداء خلال المباراة الأخيرة ضد أنغولا، حيث سافر المنتخب من أبو ظبي إلى البرتغال عبر ميلانو في رحلة طويلة".
وأضاف: "إن التجانس بدأ يظهر بشكل كبير بين جميع اللاعبين في كل المراكز، والمباريات الودية ليست مقياساً لما سيحدث في البطولة، والنتائج ليست مفيدة سوى في رفع المعنويات فقط، أما الاستفادة الحقيقية فتأتي من ظهور النقاط السلبية، حتى يمكن علاجها قبل المباريات الرسمية"، وأكد قائد المنتخب المصري:"فرصة منتخب مصر كبيرة في البطولة، شريطة استمرار تحفيز ومساندة اللاعبين، وزيادة ثقتهم في أنفسهم خلال المشاركة كأبطال يحملون اللقب".
ويذكر أن أحمد حسن أحرز أول أهداف منتخب مصر في المباراة النهائية لبطولة عام 1998 في بوركينا فاسو، والتي فاز فيها المنتخب المصري على جنوب أفريقيا بهدفين نظيفين وأحرز اللقب.
ومن بين اللاعبين الذين تعقد عليهم جماهير مصر آمالاً في غانا، هناك مهاجم هامبورغ الألماني محمد زيدان ومهاجما الأهلي عماد متعب والزمالك عمرو زكي، إلى جانب لاعب وسط الإسماعيلي حسني عبد ربه ونجم الأهلي محمد أبو تريكة الذي قال: "نحن حاملو اللقب وسنذهب إلى غانا بفكرة واحدة وهي الدفاع عنه، كل شيء على ما يرام داخل صفوفنا وثقتنا عالية".
وتشارك مصر للمرة الحادية والعشرين في النهائيات، وخاضت حتى الآن 78 مباراة، فازت في 40، وتعادلت في 14، وخسرت 24، سجلت 124 هدفاً، ودخل مرماها 77 هدفاً.
أسود الكاميرون وطموح استعادة الأمجاد
ويتطلع المنتخب الكاميروني إلى استعادة مجده القاري من خلال إحراز اللقب الخامس في تاريخه، ومعادلة الرقم القياسي في عدد الألقاب الذي يملكه نظيره المصري.
وما يزيد رغبة المنتخب الكاميروني في الصعود على قمة النهائيات القارية هو محو خيبة الأمل التي مني بها عام 2006، بفشله في التأهل إلى نهائيات كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا، وخروجه من الدور ربع النهائي لنهائيات النسخة الخامسة والعشرين من بطولة أمم أفريقيا على يد كوت ديفوار بركلات الترجيح (11-12) في العام ذاته، وهو الدور ذاته التي ودع منه المسابقة في النسخة الرابعة والعشرين في تونس عام 2004 على يد نيجيريا (1-2)، علماً بأنه نال اللقب عامي 2000 في نيجيريا و2002 في مالي، رافعاً رصيده من الألقاب القارية إلى أربعة ألقاب بعد عامي 1984 و1988.
ولن تكون مهمة المنتخب الكاميروني سهلة، لقوة مجموعته في الدور الأول، كما أن فريق الأسود فقد الكثير من بريقه في الأعوام الأخيرة، بسبب عدم تجديد دمائه واعتماده على العمود الفقري الذي تألق به في نهائيات 2000 و2002، ولكن هذه المعطيات لا تعني بأن الأسود ستكون لقمة سائغة في غانا، ولن تذهب بعيداً في النهائيات، بل هي اعتادت على تقديم الأفضل حتى في أسوأ الحالات، وأبرز دليل على ذلك مونديال 1990، عندما وصلت إلى إيطاليا بمشاكل كبيرة بين الاتحاد المحلي واللاعبين على المكافآت، لكن الفريق بفضل مهاجمه الثعلب روجيه ميلا ضرب بقوة في المباراة الافتتاحية، عندما هزم الأرجنتين حاملة اللقب، ثم بات أول بلد أفريقي يبلغ الدور ربع النهائي، حيث خسر بصعوبة إمام انكلترا العتيدة وبعد التمديد.
وعمد الاتحاد الكاميروني أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى التعاقد مع المدرب الألماني أوتو فيستر الخبير في القارة السمراء، للإشراف على إدارته الفنية بعدما أبلى بلاء حسناً مع فريق المريخ السوداني، وقاده إلى الدور النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الأفريقي.
وخلف فيستر (69 عاماً) المدرب المحلي جول نغونا، الذي شغل منصب المدرب بالوكالة لفترة طويلة منذ رحيل الهولندي آري هان مطلع شباط/فبراير الماضي، وسبق لفيستر أن قاد توغو في نهائيات مونديال 2006 في ألمانيا التي بلغها لأول مرة في تاريخه، ووجد نفسه في خضم المنافسات وسط صراع بين اللاعبين واتحادهم حول المكافآت.
وأعرب فيستر عن سعادته بالتعاقد مع المنتخب الكاميروني قائلاً: "الكاميرون منتخب كبير وقوي يحلم أي مدرب بالإشراف على تدريبه"، مضيفاً "سنبذل كل ما في وسعنا للدفاع عن سمعة الكاميرون في العرس القاري وإعادتها إلى سكة إحراز الألقاب".
ويملك المنتخب الكاميروني الأسلحة اللازمة للتألق في غانا، من خلال تشكيلته المتنوعة باللاعبين المحترفين في أوروبا، في مقدمتهم نجم برشلونة الإسباني صامويل إيتو، بالإضافة إلى جيريمي نجيتاب (نيوكاسل الإنكليزي) وريغوبير سونغ (غلطة سراي التركي) والحارس المتألق إدريس كاميني (إسبانيول الإسباني) وبيار ويبو (مايوركا الإسباني)
وتكتسي البطولة أهمية كبيرة بالنسبة إلى إيتو، الذي سيحاول تسجيل أربعة أهداف لتحطيم الرقم القياسي في عدد الأهداف المسجلة في النهائيات، والذي يوجد بحوزة الإيفواري لوران بوكو.
وقال إيتو: "تحطيم الأرقام القياسية يعتبر انجازاً تاريخياً، كنت أطمح إلى هذا الرقم في نهائيات مصر، لكن الحظ لم يحالفني ولم يحالف المنتخب أيضاً، لأننا خرجنا من الدور ربع النهائي، لكن أعتقد بان الفرصة متاحة في الوقت الحالي وسأحاول استغلالها".
وتابع المهاجم الكاميروني: "سأبذل كل ما باستطاعتي لهز الشباك، سيكون ذلك من أجل منتخب بلادي أولاً ثم لتحطيم الرقم القياسي، الأولوية للمنتخب ولن أكون أنانياً بالتأكيد، فإذا كان أحد زملائي أولى بالتسجيل فلن أتأخر في تمرير الكرة إليه".
وتشارك الكاميرون في النهائيات للمرة الخامسة عشرة، وقد لعبت 61 مباراة فازت في 32 وتعادلت في 19 وخسرت 10 وسجلت 90 هدفاً ودخل مرماها 51.
وعانت الكاميرون الأمرين منذ بلوغها المباراة النهائية للمسابقة الأفريقية في الثمانينيات ثلاث مرات متتالية (84 و86 و88) أحرزت خلالها اللقب مرتين (84 و88)، حيث حلت خامسة عام 90 ورابعة عام 92 وفشلت في بلوغ النهائيات عام 94، قبل أن تحل عاشرة في 96 وتبلغ ربع النهائي عام 98، وتحرز اللقب عامي 2000 و2002 رافعة رصيدها إلى أربعة ألقاب في تاريخها.
زامبيا في مهمة شديدة الصعوبة
ولن تكون مهمة منتخب زامبيا سهلة في مشاركته الثانية على التوالي والثالثة عشرة في تاريخه في النهائيات القارية، حيث أوقعته القرعة في مواجهة منتخبات لها باعها الطويل في العرس القاري.
ولن تتعدى مهمة لاعبي زامبيا خلط أوراق المجموعة، وتحقيق نتائج مفاجئة لعل النتائج الأخرى عندما تلتقي منتخبات الكاميرون ومصر والسودان في ما بينها تقف إلى جانبهم، وتقودهم إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ عام 1996 في جنوب أفريقيا، عندما بلغت نصف النهائي.
وتدرك زامبيا جيداً أن المهمة لن تكون سهلة، خصوصاً وأنها لقنت درساً في فنون اللعبة من قبل الفراعنة، عندما واجهتهم في الدور الأول عام 1998 فخسرت أمامهم برباعية نظيفة، ثم (صفر-2) في الدور الأول عام 2000 في نيجيريا وغانا و(1-2) في الدور الأول عام 2002 في مالي، كما أن منتخب الكاميرون صعب المراس ولا يمكن الفوز عليه بسهولة.
ولكن مدرب زامبيا باتريك فيري أكد أنه يثق في إمكانيات ومؤهلات لاعبيه، وقدرتهم على إنهاء الدور الأول في المركز الثاني، ووضع حد لإخفاقاتهم في الدور الأول في السنوات الأخيرة، وأوضح أن بلوغ الدور ربع النهائي سيرفع معنويات اللاعبين في باقي مشوار البطولة، ويعزز حظوظهم في تحقيق نتائج جيدة وتمثيل مشرف.
وشكل فيري منتخباً قوياً يضم لاعبين مخضرمين وشباب، وتمكن من تحسين مستوى المنتخب الذي كان يعتمد على اللياقة البدنية بشكل كبير، ونجح في خطف بطاقة تأهله عن جدارة بفارق الأهداف أمام جنوب أفريقيا، وذلك بالفوز على الأخيرة في عقر دارها (3-1) في الجولة الأخيرة، بفضل ثلاثية لكريس كاتونغو في 12 دقيقة في أيلول/سبتمبر الماضي.
وتعول زامبيا كثيراً على لاعبيها المحترفين في الخارج، أبرزهم كاتونغو مهاجم بروندبي الدنماركي حالياً، والذي توج هدافاً لدوري جنوب أفريقيا موسم 2006-2007، بينما يبقى أبرز الغائبين المهاجمان كولينز مبيسوما (بورتسموث الإنكليزي) وأندرو سينكالا (كولن الألماني) بسبب الإصابة.
وكانت زامبيا تعقد آمالاً كبيرة على إحراز اللقب في النسخة الأخيرة في مصر، بقيادة مدربها ونجمها السابق كالوشا بواليا الذي كان يمني النفس بتحقيق ما عجز عنه كلاعب.
وفرض بواليا نفسه نجماً مطلقاً لمنتخب بلاده منذ منتصف الثمانينيات، وكان أول لاعب من جنوب القارة السمراء ينال لقب أفضل لاعب في أفريقيا عام 1988، وتحديداً بعد تألقه في دورة الألعاب الأولمبية في سيول، وتسجيله ثلاثية في مرمى إيطاليا.
وارتبط اسم بواليا كثيراً بمنتخب بلاده، ويعود إليه الفضل في إعادة تشكيل منتخب جديد بعد مصرع اغلب أفراده عام 1993، بتحطم الطائرة التي كانت تقلهم في الغابون وهم في طريقهم إلى السنغال لمواجهة منتخب بلادها، ضمن تصفيات كأس العالم التي أقيمت نهائياتها في الولايات المتحدة عام 1994.
ونجح بواليا ومنتخب بلاده الجديد في بلوغ المباراة النهائية لبطولة أمم أفريقيا بعد عام واحد على الحادث المأساوي، وخسروا أمام نيجيريا (1-2) في تونس، وكانت زامبيا البادئة بالتسجيل عبر إليجاه ليتانا في الدقيقة الثالثة، غير أن نيجيريا ردت بعد دقيقتين، مدركة التعادل عبر إيمانويل أمونيكي، قبل أن ينجح الأخير في تسجيل هدف الفوز في الدقيقة 45.
ولم تذق زامبيا حلاوة اللقب قط، لكنها تلعب دائما دوراً هاماً في النهائيات، وتبلغ أدواراً متقدمة، وهي أهدرت فرصة إحراز اللقب مرتين، الأولى عام 1974 في مصر عندما خسرت أمام زائير (الكونغو الديموقراطية حالياً) بهدفين نظيفين في المباراة النهائية المعادة، بعد أن تعادلا في الأولى (2-2)، والثانية عام 1994 في تونس، كما أنها حلت ثالثة ثلاث مرات أعوام 1982 في ليبيا، و1990 في الجزائر، و1996 في جنوب أفريقيا.
يذكر أن زامبيا تشارك في النهائيات للمرة الثالثة عشرة، وسبق لها أن خاضت 48 مباراة فازت في 20 وتعادلت في 10 وخسرت 18 سجلت 58 هدفاً ودخل مرماها 50 هدفاً.
السودان ومحاولة إثبات الوجود مرة أخرى
ويطمح المنتخب السوداني إلى تأكيد عودته القوية إلى الساحة القارية بعد غياب 32 عاماً، وكان السودان قد فرض نفسه على الصعيد القاري في العامين الأخيرين، سواء من خلال منتخب بلاده الذي حجز بطاقته إلى النهائيات للمرة الأولى منذ عام 1976، أو من خلال الأندية ببلوغ المريخ الدور النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الأفريقي قبل أن يخسر أمام الصفاقسي التونسي، وتأهل الهلال إلى الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أفريقيا، قبل أن يخرج على يد فريقه تونسي آخر هو النجم الساحلي الذي نال اللقب.
وللمصادفة فإن المنافسة بين الكرتين السودانية والتونسية في الكؤوس الأفريقية لم تقتصر على الأندية فقط، بل تعدتها إلى المنتخبات، حيث أوقعت القرعة المنتخبين السوداني والتونسي حامل اللقب عام 2004 في المجموعة الرابعة لتصفيات البطولة الحالية، وكانت الكلمة الأخيرة للسودان حيث حجز بطاقته إلى النهائيات مباشرة بفوزه على تونس (3-2) في الجولة السادسة الأخيرة في الخرطوم، فتفوق عليها بفارق نقطتين، ونال البطاقة المباشرة، تاركاً مصير تونس معلقاً بانتظار نتائج المنتخبات صاحبة المركز الثاني، والتي صبت في مصلحتها وضمنت بدورها تواجدها في غانا.
وحقق السودان خمسة انتصارات في التصفيات على سيشل (3-صفر) ذهاباً و(2-صفر) إياباً وموريشيوس (2-1) ذهاباً و(3-صفر) إياباً وتونس (3-2)، ومني بخسارة واحدة أمام الأخيرة (صفر-1) ذهاباً.
وتكتسي المواجهات بين ممثلي مصر والسودان أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين، وهما التقيا أربع مرات في الكؤوس الأفريقية العام الماضي على مستوى الأندية، حيث لعب الهلال مع الأهلي المصري في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، ولعب المريخ مع الإسماعيلي المصري في مسابقة كأس الاتحاد الأفريقي.
ويواجه السودان منتخباً ثانيا ًمن العيار الثقيل هو المنتخب الكاميروني، علماً بأن المنتخبين التقيا في تصفيات مونديال 2006، حيث ضمتهما مجموعة واحدة إلى جانب مصر وكوت ديفوار، عندما حجزت الأخيرة بطاقتها إلى النهائيات للمرة الأولى في تاريخها.
كما تنتظر السودان مواجهة لا يستهان بها أمام زامبيا الساعية إلى تخطي الدور الأول للمرة الأولى في تاريخها منذ عام 1996 في جنوب أفريقيا.
والسودان هو المنتخب الوحيد في النهائيات الذي يشارك بتشكيلة كاملة من اللاعبين المحليين والمنتمين إلى قطبي الكرة السودانية المريخ والهلال (11 لاعباً من الأول و12 من الثاني) علماً بأن خط الهجوم يضم لاعبي المريخ فقط، وهم: عبد الحميد عماري وفيصل عجب وعلاء الدين بابكر وهيثم طمبل.
ويعقد المنتخب السوداني آمالاً كبيرة على خط وسطه الذي يضم لاعبي الهلال يوسف علاء الدين وحمودة بشير وسيف الدين إدريس وحسن كورونغو وريتشارد جاستن وهيثم مصطفى ومحمد طاهر، ولاعبي المريخ بدر الدين الدود ومجاهد محمد.
ويأمل المنتخب السوداني في أن ينعكس تألق لاعبي الهلال والمريخ في الكؤوس الأفريقية على مستوى المنتخب في غانا ويساهم في تخطي الدور الأول.
واستعد المنتخب السوداني للنهائيات من خلال خوضه مباريات ودية عدة، لكنه تعرض إلى الخسارة فيها أمام غينيا (صفر-4) في مدينة ملقة الإسبانية وأمام فريق غنك البلجيكي (2-5) وأمام منتخب غانا الرديف (صفر-2)، وأمام منتخب نيجيريا (صفر-2).
وضرب السودان بقوة منذ انطلاق البطولة، فخرج من نصف النهائي عام 1957 بخسارته أمام مصر (1-2)، ثم حل ثانياً عام 1959 خلف مصر بخسارته أمام الأخيرة (1-2)، وفوزه على إثيوبيا (1-صفر)، علماً بأن الدورة شهدت مشاركة ثلاثة منتخبات فقط، ثم خسر المباراة النهائية عام 1963 بخسارته أمام غانا (صفر-3).
وانتظر السودان عام 1970 ليحرز اللقب على حساب غانا بهدف نظيف ، وثأر لسقوطه أمامها في نهائي 1963، ثم خرج من الدور الأول عام 1972 بتعادله مع زائير (1-)1 والمغرب (1-1) وخسارته أمام الكونغو (2-4)، والأمر ذاته عام 1976 بتعادله مع المغرب (2-2) وزائير (1-1)، وخسارته أمام نيجيريا بهدف دون مقابل، ليغيب بعدها حتى حجز بطاقته العام الماضي.
ويشارك السودان في النهائيات للمرة السابعة، وهو خاض 17 مباراة حتى الآن، فاز في ست منها، وتعادل في خمس، وخسر ست مباريات، وسجل 24 هدفاً، ودخل مرماه 22 هدفاً.
تفاؤل مصري رغم صعوبة المهمة
وستكون المسؤولية جسيمة على عاتق المنتخب المصري للدفاع عن لقبه، وتكمن جسامة المسؤولية في كون "الفراعنة" مهددين من قبل أصحاب الأرض والكاميرون لمعادلة رقمهم القياسي في عدد الألقاب وهو خمسة، آخرها عام 2006 عندما استضافوا النهائيات.
وكانت مصر انفردت بالرقم القياسي في عدد الألقاب بتتويجها بطلة للنسخة الخامسة والعشرين عام 2006، فأضافتها إلى ألقاب أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 أمام غانا (1963 و1965 و1978 و1982) والكاميرون (1984 و1988 و2000 و2002)، علماً بأن المنتخبات الثلاثة هي الوحيدة التي احتفظت باللقب (مصر 1957 و1959، وغانا 1963 و1965 والكاميرون 2000 و2002).
واستغلت مصر بشكل جيد عاملي الأرض والجمهور للتتويج باللقب الخامس على حساب كوت ديفوار في المباراة النهائية التي حسمتها بركلات الترجيح، ولكن الأمور ستختلف كلياً في النسخة الحالية، لأن الفراعنة تلقوا أكثر من ضربة موجعة، كان أولها إصابة مهاجم ميدلزبره الإنكليزي أحمد حسام "ميدو" وصانع العاب الأهلي محمد بركات، تلاها انسحاب لاعب الوسط حسام غالي في اللحظة الأخيرة، بعدما وقع عقداً مع دربي كاونتي الإنكليزي، الذي اشترط عليه عدم المشاركة مع منتخب بلاده في النهائيات القارية، وفضل غالي التوقيع لدربي كاونتي على المشاركة مع منتخب بلاده، خصوصاً وأنه كان يعاني من الابتعاد عن الملاعب بسبب مشاكله مع فريقه السابق توتنهام الإنكليزي.
كما أن القرعة لم تكن رحيمة بالمصريين، وأوقعتهم إلى جانب الكاميرون التي كانت أخرجت الفراعنة من الدور الأول في تونس عام 2004، وزامبيا العتيدة، التي تغلبت على مصر مرتين في النهائيات مقابل أربع للأخيرة، والسودان العائد بقوة إلى الساحة الأفريقية.
وإدراكاً منه لصعوبة المهمة، بكر المنتخب المصري باستعداداته للنهائيات من خلال ثلاثة معسكرات تدريبية، الأول في مصر وخاض خلاله مباراة ودية أمام ناميبيا فاز فيها (3-صفر)، والثاني في الإمارات وخاض فيه أيضاً مباراة ودية أمام مالي وفاز فيها بهدف نظيف، والثالث في البرتغال وواجه فيه أنغولا وتعادل معها (3-3).
ورفض المدير الفني المصري حسن شحاتة الإدلاء بأي تصريحات عقب عودة المنتخب من البرتغال، وحذا حذوه اللاعبون مؤكدين أن تعليمات المدرب تمنعهم من الحديث.
وكان شوقي غريب المدرب العام لمنتخب مصر الوحيد الذي أدلى بتصريحات صحافية عقب عودة المنتخب من البرتغال، وقال إن الجهاز الفني راض عن الأداء في المباريات الودية الثلاث التي أقيمت خلال فترة الإعداد وجاءت متدرجة المستوى، وأضاف أن الجهاز كان يأمل الارتفاع بمستوى اللياقة البدنية، وهو ما حدث وظهر في لقاء أنغولا بالتحديد.
ورفض شوقي الحديث عن اللاعبين، مكتفياًَ بالتأكيد أن المدافع إبراهيم سعيد شفي تماماً من إصابته وسيدخل في التشكيلة الأساسية، ونفس الشيء بالنسبة لعمرو زكي مهاجم الزمالك، الذي أصيب في لقاء مالي الودي بعد اصطدامه بحارس الأخيرة محمد سيديبيه.
من جهته، أكد رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر أن منتخب بلاده سيتوجه إلى غانا للحفاظ على لقبه، وقال: "نتوجه إلى غانا للمحافظة على اللقب وليس أي شيء آخر، لقد رافقت المنتخب في زيارته الأخيرة إلى البرتغال، ووقفت عن كثب على استعداداته، وأنا على يقين أنه في جهوزية تامة للظهور بمظهر مشرف".
ورفض زاهر نبرة التشاؤم التي يطلقها البعض، وقال إن ثقة الاتحاد المصري كبيرة في اللاعبين وجهازهم الفني، مشيراً إلى أن مباراة الكاميرون وهي الافتتاحية للمنتخب المصري في الثاني والعشرين من الشهر الحالي ستكون مفتاح الوصول إلى الأدوار النهائية.
وأكد أن شحاتة وجهازه الفني وضعوا الطريقة الملائمة لمواجهة الأسود، وهي تختلف تماماً عما تابعه الجميع في المباريات الودية الأخيرة.
وتعول مصر على قائدها المخضرم صانع ألعاب أندرلخت البلجيكي أحمد حسن، الذي سافر مباشرة إلى بلجيكا كونه مرشحاً لجائزة أفضل لاعب في الدوري البلجيكي لعام 2007، وهو سيلتحق بالمنتخب المصري يوم السبت، وقال حسن: "إن التجارب الودية التي خاضها المنتخب المصري جاءت مفيدة بشكل كبير، وان كان الإرهاق له دور في التأثير على الأداء خلال المباراة الأخيرة ضد أنغولا، حيث سافر المنتخب من أبو ظبي إلى البرتغال عبر ميلانو في رحلة طويلة".
وأضاف: "إن التجانس بدأ يظهر بشكل كبير بين جميع اللاعبين في كل المراكز، والمباريات الودية ليست مقياساً لما سيحدث في البطولة، والنتائج ليست مفيدة سوى في رفع المعنويات فقط، أما الاستفادة الحقيقية فتأتي من ظهور النقاط السلبية، حتى يمكن علاجها قبل المباريات الرسمية"، وأكد قائد المنتخب المصري:"فرصة منتخب مصر كبيرة في البطولة، شريطة استمرار تحفيز ومساندة اللاعبين، وزيادة ثقتهم في أنفسهم خلال المشاركة كأبطال يحملون اللقب".
ويذكر أن أحمد حسن أحرز أول أهداف منتخب مصر في المباراة النهائية لبطولة عام 1998 في بوركينا فاسو، والتي فاز فيها المنتخب المصري على جنوب أفريقيا بهدفين نظيفين وأحرز اللقب.
ومن بين اللاعبين الذين تعقد عليهم جماهير مصر آمالاً في غانا، هناك مهاجم هامبورغ الألماني محمد زيدان ومهاجما الأهلي عماد متعب والزمالك عمرو زكي، إلى جانب لاعب وسط الإسماعيلي حسني عبد ربه ونجم الأهلي محمد أبو تريكة الذي قال: "نحن حاملو اللقب وسنذهب إلى غانا بفكرة واحدة وهي الدفاع عنه، كل شيء على ما يرام داخل صفوفنا وثقتنا عالية".
وتشارك مصر للمرة الحادية والعشرين في النهائيات، وخاضت حتى الآن 78 مباراة، فازت في 40، وتعادلت في 14، وخسرت 24، سجلت 124 هدفاً، ودخل مرماها 77 هدفاً.
أسود الكاميرون وطموح استعادة الأمجاد
ويتطلع المنتخب الكاميروني إلى استعادة مجده القاري من خلال إحراز اللقب الخامس في تاريخه، ومعادلة الرقم القياسي في عدد الألقاب الذي يملكه نظيره المصري.
وما يزيد رغبة المنتخب الكاميروني في الصعود على قمة النهائيات القارية هو محو خيبة الأمل التي مني بها عام 2006، بفشله في التأهل إلى نهائيات كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا، وخروجه من الدور ربع النهائي لنهائيات النسخة الخامسة والعشرين من بطولة أمم أفريقيا على يد كوت ديفوار بركلات الترجيح (11-12) في العام ذاته، وهو الدور ذاته التي ودع منه المسابقة في النسخة الرابعة والعشرين في تونس عام 2004 على يد نيجيريا (1-2)، علماً بأنه نال اللقب عامي 2000 في نيجيريا و2002 في مالي، رافعاً رصيده من الألقاب القارية إلى أربعة ألقاب بعد عامي 1984 و1988.
ولن تكون مهمة المنتخب الكاميروني سهلة، لقوة مجموعته في الدور الأول، كما أن فريق الأسود فقد الكثير من بريقه في الأعوام الأخيرة، بسبب عدم تجديد دمائه واعتماده على العمود الفقري الذي تألق به في نهائيات 2000 و2002، ولكن هذه المعطيات لا تعني بأن الأسود ستكون لقمة سائغة في غانا، ولن تذهب بعيداً في النهائيات، بل هي اعتادت على تقديم الأفضل حتى في أسوأ الحالات، وأبرز دليل على ذلك مونديال 1990، عندما وصلت إلى إيطاليا بمشاكل كبيرة بين الاتحاد المحلي واللاعبين على المكافآت، لكن الفريق بفضل مهاجمه الثعلب روجيه ميلا ضرب بقوة في المباراة الافتتاحية، عندما هزم الأرجنتين حاملة اللقب، ثم بات أول بلد أفريقي يبلغ الدور ربع النهائي، حيث خسر بصعوبة إمام انكلترا العتيدة وبعد التمديد.
وعمد الاتحاد الكاميروني أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى التعاقد مع المدرب الألماني أوتو فيستر الخبير في القارة السمراء، للإشراف على إدارته الفنية بعدما أبلى بلاء حسناً مع فريق المريخ السوداني، وقاده إلى الدور النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الأفريقي.
وخلف فيستر (69 عاماً) المدرب المحلي جول نغونا، الذي شغل منصب المدرب بالوكالة لفترة طويلة منذ رحيل الهولندي آري هان مطلع شباط/فبراير الماضي، وسبق لفيستر أن قاد توغو في نهائيات مونديال 2006 في ألمانيا التي بلغها لأول مرة في تاريخه، ووجد نفسه في خضم المنافسات وسط صراع بين اللاعبين واتحادهم حول المكافآت.
وأعرب فيستر عن سعادته بالتعاقد مع المنتخب الكاميروني قائلاً: "الكاميرون منتخب كبير وقوي يحلم أي مدرب بالإشراف على تدريبه"، مضيفاً "سنبذل كل ما في وسعنا للدفاع عن سمعة الكاميرون في العرس القاري وإعادتها إلى سكة إحراز الألقاب".
ويملك المنتخب الكاميروني الأسلحة اللازمة للتألق في غانا، من خلال تشكيلته المتنوعة باللاعبين المحترفين في أوروبا، في مقدمتهم نجم برشلونة الإسباني صامويل إيتو، بالإضافة إلى جيريمي نجيتاب (نيوكاسل الإنكليزي) وريغوبير سونغ (غلطة سراي التركي) والحارس المتألق إدريس كاميني (إسبانيول الإسباني) وبيار ويبو (مايوركا الإسباني)
وتكتسي البطولة أهمية كبيرة بالنسبة إلى إيتو، الذي سيحاول تسجيل أربعة أهداف لتحطيم الرقم القياسي في عدد الأهداف المسجلة في النهائيات، والذي يوجد بحوزة الإيفواري لوران بوكو.
وقال إيتو: "تحطيم الأرقام القياسية يعتبر انجازاً تاريخياً، كنت أطمح إلى هذا الرقم في نهائيات مصر، لكن الحظ لم يحالفني ولم يحالف المنتخب أيضاً، لأننا خرجنا من الدور ربع النهائي، لكن أعتقد بان الفرصة متاحة في الوقت الحالي وسأحاول استغلالها".
وتابع المهاجم الكاميروني: "سأبذل كل ما باستطاعتي لهز الشباك، سيكون ذلك من أجل منتخب بلادي أولاً ثم لتحطيم الرقم القياسي، الأولوية للمنتخب ولن أكون أنانياً بالتأكيد، فإذا كان أحد زملائي أولى بالتسجيل فلن أتأخر في تمرير الكرة إليه".
وتشارك الكاميرون في النهائيات للمرة الخامسة عشرة، وقد لعبت 61 مباراة فازت في 32 وتعادلت في 19 وخسرت 10 وسجلت 90 هدفاً ودخل مرماها 51.
وعانت الكاميرون الأمرين منذ بلوغها المباراة النهائية للمسابقة الأفريقية في الثمانينيات ثلاث مرات متتالية (84 و86 و88) أحرزت خلالها اللقب مرتين (84 و88)، حيث حلت خامسة عام 90 ورابعة عام 92 وفشلت في بلوغ النهائيات عام 94، قبل أن تحل عاشرة في 96 وتبلغ ربع النهائي عام 98، وتحرز اللقب عامي 2000 و2002 رافعة رصيدها إلى أربعة ألقاب في تاريخها.
زامبيا في مهمة شديدة الصعوبة
ولن تكون مهمة منتخب زامبيا سهلة في مشاركته الثانية على التوالي والثالثة عشرة في تاريخه في النهائيات القارية، حيث أوقعته القرعة في مواجهة منتخبات لها باعها الطويل في العرس القاري.
ولن تتعدى مهمة لاعبي زامبيا خلط أوراق المجموعة، وتحقيق نتائج مفاجئة لعل النتائج الأخرى عندما تلتقي منتخبات الكاميرون ومصر والسودان في ما بينها تقف إلى جانبهم، وتقودهم إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ عام 1996 في جنوب أفريقيا، عندما بلغت نصف النهائي.
وتدرك زامبيا جيداً أن المهمة لن تكون سهلة، خصوصاً وأنها لقنت درساً في فنون اللعبة من قبل الفراعنة، عندما واجهتهم في الدور الأول عام 1998 فخسرت أمامهم برباعية نظيفة، ثم (صفر-2) في الدور الأول عام 2000 في نيجيريا وغانا و(1-2) في الدور الأول عام 2002 في مالي، كما أن منتخب الكاميرون صعب المراس ولا يمكن الفوز عليه بسهولة.
ولكن مدرب زامبيا باتريك فيري أكد أنه يثق في إمكانيات ومؤهلات لاعبيه، وقدرتهم على إنهاء الدور الأول في المركز الثاني، ووضع حد لإخفاقاتهم في الدور الأول في السنوات الأخيرة، وأوضح أن بلوغ الدور ربع النهائي سيرفع معنويات اللاعبين في باقي مشوار البطولة، ويعزز حظوظهم في تحقيق نتائج جيدة وتمثيل مشرف.
وشكل فيري منتخباً قوياً يضم لاعبين مخضرمين وشباب، وتمكن من تحسين مستوى المنتخب الذي كان يعتمد على اللياقة البدنية بشكل كبير، ونجح في خطف بطاقة تأهله عن جدارة بفارق الأهداف أمام جنوب أفريقيا، وذلك بالفوز على الأخيرة في عقر دارها (3-1) في الجولة الأخيرة، بفضل ثلاثية لكريس كاتونغو في 12 دقيقة في أيلول/سبتمبر الماضي.
وتعول زامبيا كثيراً على لاعبيها المحترفين في الخارج، أبرزهم كاتونغو مهاجم بروندبي الدنماركي حالياً، والذي توج هدافاً لدوري جنوب أفريقيا موسم 2006-2007، بينما يبقى أبرز الغائبين المهاجمان كولينز مبيسوما (بورتسموث الإنكليزي) وأندرو سينكالا (كولن الألماني) بسبب الإصابة.
وكانت زامبيا تعقد آمالاً كبيرة على إحراز اللقب في النسخة الأخيرة في مصر، بقيادة مدربها ونجمها السابق كالوشا بواليا الذي كان يمني النفس بتحقيق ما عجز عنه كلاعب.
وفرض بواليا نفسه نجماً مطلقاً لمنتخب بلاده منذ منتصف الثمانينيات، وكان أول لاعب من جنوب القارة السمراء ينال لقب أفضل لاعب في أفريقيا عام 1988، وتحديداً بعد تألقه في دورة الألعاب الأولمبية في سيول، وتسجيله ثلاثية في مرمى إيطاليا.
وارتبط اسم بواليا كثيراً بمنتخب بلاده، ويعود إليه الفضل في إعادة تشكيل منتخب جديد بعد مصرع اغلب أفراده عام 1993، بتحطم الطائرة التي كانت تقلهم في الغابون وهم في طريقهم إلى السنغال لمواجهة منتخب بلادها، ضمن تصفيات كأس العالم التي أقيمت نهائياتها في الولايات المتحدة عام 1994.
ونجح بواليا ومنتخب بلاده الجديد في بلوغ المباراة النهائية لبطولة أمم أفريقيا بعد عام واحد على الحادث المأساوي، وخسروا أمام نيجيريا (1-2) في تونس، وكانت زامبيا البادئة بالتسجيل عبر إليجاه ليتانا في الدقيقة الثالثة، غير أن نيجيريا ردت بعد دقيقتين، مدركة التعادل عبر إيمانويل أمونيكي، قبل أن ينجح الأخير في تسجيل هدف الفوز في الدقيقة 45.
ولم تذق زامبيا حلاوة اللقب قط، لكنها تلعب دائما دوراً هاماً في النهائيات، وتبلغ أدواراً متقدمة، وهي أهدرت فرصة إحراز اللقب مرتين، الأولى عام 1974 في مصر عندما خسرت أمام زائير (الكونغو الديموقراطية حالياً) بهدفين نظيفين في المباراة النهائية المعادة، بعد أن تعادلا في الأولى (2-2)، والثانية عام 1994 في تونس، كما أنها حلت ثالثة ثلاث مرات أعوام 1982 في ليبيا، و1990 في الجزائر، و1996 في جنوب أفريقيا.
يذكر أن زامبيا تشارك في النهائيات للمرة الثالثة عشرة، وسبق لها أن خاضت 48 مباراة فازت في 20 وتعادلت في 10 وخسرت 18 سجلت 58 هدفاً ودخل مرماها 50 هدفاً.
السودان ومحاولة إثبات الوجود مرة أخرى
ويطمح المنتخب السوداني إلى تأكيد عودته القوية إلى الساحة القارية بعد غياب 32 عاماً، وكان السودان قد فرض نفسه على الصعيد القاري في العامين الأخيرين، سواء من خلال منتخب بلاده الذي حجز بطاقته إلى النهائيات للمرة الأولى منذ عام 1976، أو من خلال الأندية ببلوغ المريخ الدور النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الأفريقي قبل أن يخسر أمام الصفاقسي التونسي، وتأهل الهلال إلى الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أفريقيا، قبل أن يخرج على يد فريقه تونسي آخر هو النجم الساحلي الذي نال اللقب.
وللمصادفة فإن المنافسة بين الكرتين السودانية والتونسية في الكؤوس الأفريقية لم تقتصر على الأندية فقط، بل تعدتها إلى المنتخبات، حيث أوقعت القرعة المنتخبين السوداني والتونسي حامل اللقب عام 2004 في المجموعة الرابعة لتصفيات البطولة الحالية، وكانت الكلمة الأخيرة للسودان حيث حجز بطاقته إلى النهائيات مباشرة بفوزه على تونس (3-2) في الجولة السادسة الأخيرة في الخرطوم، فتفوق عليها بفارق نقطتين، ونال البطاقة المباشرة، تاركاً مصير تونس معلقاً بانتظار نتائج المنتخبات صاحبة المركز الثاني، والتي صبت في مصلحتها وضمنت بدورها تواجدها في غانا.
وحقق السودان خمسة انتصارات في التصفيات على سيشل (3-صفر) ذهاباً و(2-صفر) إياباً وموريشيوس (2-1) ذهاباً و(3-صفر) إياباً وتونس (3-2)، ومني بخسارة واحدة أمام الأخيرة (صفر-1) ذهاباً.
وتكتسي المواجهات بين ممثلي مصر والسودان أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين، وهما التقيا أربع مرات في الكؤوس الأفريقية العام الماضي على مستوى الأندية، حيث لعب الهلال مع الأهلي المصري في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، ولعب المريخ مع الإسماعيلي المصري في مسابقة كأس الاتحاد الأفريقي.
ويواجه السودان منتخباً ثانيا ًمن العيار الثقيل هو المنتخب الكاميروني، علماً بأن المنتخبين التقيا في تصفيات مونديال 2006، حيث ضمتهما مجموعة واحدة إلى جانب مصر وكوت ديفوار، عندما حجزت الأخيرة بطاقتها إلى النهائيات للمرة الأولى في تاريخها.
كما تنتظر السودان مواجهة لا يستهان بها أمام زامبيا الساعية إلى تخطي الدور الأول للمرة الأولى في تاريخها منذ عام 1996 في جنوب أفريقيا.
والسودان هو المنتخب الوحيد في النهائيات الذي يشارك بتشكيلة كاملة من اللاعبين المحليين والمنتمين إلى قطبي الكرة السودانية المريخ والهلال (11 لاعباً من الأول و12 من الثاني) علماً بأن خط الهجوم يضم لاعبي المريخ فقط، وهم: عبد الحميد عماري وفيصل عجب وعلاء الدين بابكر وهيثم طمبل.
ويعقد المنتخب السوداني آمالاً كبيرة على خط وسطه الذي يضم لاعبي الهلال يوسف علاء الدين وحمودة بشير وسيف الدين إدريس وحسن كورونغو وريتشارد جاستن وهيثم مصطفى ومحمد طاهر، ولاعبي المريخ بدر الدين الدود ومجاهد محمد.
ويأمل المنتخب السوداني في أن ينعكس تألق لاعبي الهلال والمريخ في الكؤوس الأفريقية على مستوى المنتخب في غانا ويساهم في تخطي الدور الأول.
واستعد المنتخب السوداني للنهائيات من خلال خوضه مباريات ودية عدة، لكنه تعرض إلى الخسارة فيها أمام غينيا (صفر-4) في مدينة ملقة الإسبانية وأمام فريق غنك البلجيكي (2-5) وأمام منتخب غانا الرديف (صفر-2)، وأمام منتخب نيجيريا (صفر-2).
وضرب السودان بقوة منذ انطلاق البطولة، فخرج من نصف النهائي عام 1957 بخسارته أمام مصر (1-2)، ثم حل ثانياً عام 1959 خلف مصر بخسارته أمام الأخيرة (1-2)، وفوزه على إثيوبيا (1-صفر)، علماً بأن الدورة شهدت مشاركة ثلاثة منتخبات فقط، ثم خسر المباراة النهائية عام 1963 بخسارته أمام غانا (صفر-3).
وانتظر السودان عام 1970 ليحرز اللقب على حساب غانا بهدف نظيف ، وثأر لسقوطه أمامها في نهائي 1963، ثم خرج من الدور الأول عام 1972 بتعادله مع زائير (1-)1 والمغرب (1-1) وخسارته أمام الكونغو (2-4)، والأمر ذاته عام 1976 بتعادله مع المغرب (2-2) وزائير (1-1)، وخسارته أمام نيجيريا بهدف دون مقابل، ليغيب بعدها حتى حجز بطاقته العام الماضي.
ويشارك السودان في النهائيات للمرة السابعة، وهو خاض 17 مباراة حتى الآن، فاز في ست منها، وتعادل في خمس، وخسر ست مباريات، وسجل 24 هدفاً، ودخل مرماه 22 هدفاً.